الأسطورة الثالثة:
ابني المراهق لا يكلمني. لا أتمكن من كسب ثقته ليفتح قلبه
*•︽•*
لي.
المراهق يحب الكلام! ولكن يحب أكثر أن يجد أذناً مستمعة. بمجرد سؤالك له:"كيف كان يومك؟" سيبدأ بالكلام، انظري إليه باهتمام ليعرف أنك بالفعل تصغين، سيقوم بإخبارك بكل شيء تريدين معرفته. ولكن إن كان كل كلامك مثل: "نظف غرفتك" أو "انظر إلي عندما أكلمك" وكأنه موجود للتأنيب فقط، فإنه سيبدأ بالابتعاد وتقليل الكلام. يجب أن يكون هناك توازن ما بين الكلام الروتيني والحوار العميق.
طبيبة نفسية قامت بسؤال المئات من المراهقين عما يتمنونه مناقشته مع والديهم، منهم من قال:
- الأمور العائلية مثل العطلات، القرارات، القوانين، وقت العودة للمنزل مساء، وقت النوم، الأمراض، المشاكل المالية..
- المواضيع الحساسة مثل العلاقات الجنسية، الحياة، التدخين..
- المواضيع العاطفية مثل مشاعر الوالدين تجاههم..
- أسئلة تتعلق بلماذا – مثل: لماذا يجوع بعض الناس؟ لماذا وجدت الحروب؟ والعديد من المواضيع الفلسفية..
- المستقبل – مثل العمل، الجامعة، الحياة المستقبلية بعد الخروج من المنزل.
- الأوضاع الراهنة – ماذا يحدث في العالم والجالية.
- اهتمامات شخصية – مثل الهوايات، الرياضة، الأصدقاء..
- الوالدين – يحب المراهق أن يتحدث مع والديه، عنهما؛ مثل العمر، قصص من الحياة تثبت أنهما ليسا مجرد والدين يوجهان، بل كانا مراهقين ويفهمان ما يدور بعقل هذا الطفل..
إذن المراهق ليس مجرد طفل يمر بفترة عناد ومقاومة، بل إنسان يشعر ويهتم بأمور كثيرة قد لا تخطر ببال الوالدين.
*•︽•*
الأسطورة الرابعة:
إن لم أسيطر على طفلي الآن، سأندم لاحقاً!
حسب نوعية العلاقة مع الطفل (عودي للخرافة الثانية)، ربما تكون هذه النقطة صحيحة. ولكن، يجب أن يكون هناك توازن ما بين السيطرة الأبوية على الأولاد بشكل عام والسيطرة على المراهق، متذكرين أن المراهق يحاول أن يوسع مداركه وحريته وينشئ استقلاليته وبالتالي التعامل معه يختلف. فلنذكر أن هذا الشاب الصغير يحصل على الكثير من الحريات والامتيازات حالياً، أكثر مما كان عليه الوالدين في الماضي، وهذا بسبب التغيرات التي تحدث كل يوم في الحياة. فهناك أوقات كثيرة لا يكون فيها مراقب وهذا خلال المدرسة والزيارات وعمل الوالدين. ومن خلال وجود النت والتلفاز، فإنه يحصل على الكثير من المعلومات التي قد يمنعها الوالدان، وهنا أصبح عمل الوالدين أصعب للقيام بفلترة كل هذه المؤثرات الخارجية وتوجيه الطفل ليعرف الخطأ والصواب.
الاستراتيجية – هي الاستماع وإعطاء النصيحة
استمعي إلى طلبات طفلك. قيمي هذا الطلب حسب درجة وعي هذا الطفل وقدرته على اتخاذ القرارات. قولك "لا" بسرعة من غير الاستماع إلى تفاصيل أخرى، سينتج مشكلة. استمعي جيداً لطلبه وانظري إلى السبب خلفه. مثلاً، إن جاءك ابنك وعمره 13 سنة ويريد أن ينام في بيت صديقه وفي الغد يوم دراسي، وهذا طبعاً عادة غير مسموح به، اصبري واعرفي إن كان هناك سبب يجعله يطلب هذا الطلب، فربما شيء يتعلق بواجب دراسي، أو نشاط مدرسي أو نقاش هام، قبل أن تخرجي من فمك كلمة "لا". بالطبع يجب أن يكون هناك حدود لكل شيء وتطبيق لهذه الحدود باستمرار، ولكن أحياناً تضطرين لعمل تغييرات حسب الموقف. هذا الحوار سينمي في طفلك كيف يحاور ويناقش بهدوء وبإقناع. حثيهم دوماً أن يميزوا ما بين ماذا "يحتاجون" وماذا "يريدون". هذا تدريب جيد بالنسبة لهم حيث يشغل العقل ويوعيه ويجعل النقاش بفكر لا بعاطفة. ثم استمعي إليه وحللي الموقف وفكري قبل إصدار القرار، هذا سيعلمه أن يتصرف بالمثل.
استراتيجية أخرى – اجعلي هناك حدود منطقية وواضحة.
المراهق الذي يقول "أنت شديدة أكثر من أي أم، أتمنى لو كانت أمي هي أم صديقي فلان"، هذا يعني أن طفلك فعلاً لديه حدود ممنوع أن يتخطاها، ورغم أن هذه جملة شديدة، إلا أنه يجب أن يكون لديكِ المقدرة للتفكير ثم سؤال طفلك المراهق أن يشرح موقفه ويناقش بهدوء ويكون الاحترام متبادل. طبعاً لا تجعلي الموقف يخرج عن حدوده ويصبح حامياً. إن حدث، قولي: "سنأخذ 10 دقائق فرصة للهدوء ثم نتحدث." كلاكما سيكون لديه فترة للتفكير في كلام الآخر وفي الكلام الذي ستقولاه ولن تشعرا بالغضب خلال النقاش. يجب على الوالدين أن يعرفا مدى أهمية فصل العواطف عن النقاش البنّاء وأن يتركا الحساسيات الشخصية بعيداً. الكثير من المراهقين ينقاشون لمجرد النقاش، لا بأس، هذا سيدعمهم مستقبلاً للتعلم كيفية النقاش البناء.
من الجيد أن تقربي طفلك وتشركيه في القرارات المنزلية وهذا لن يأخذ من منزلة الوالدين شيئاً، بل سيعطي التوازن الذي ذكرناه ما بين القوة والسيطرة، مانحاً المراهق بعض السيطرة البسيطة التي ستعلمه كيف يتخذ القرارات الصحيحة ويبني شخصيته مستقبلاً.
*•︽•*
الأسطورة الخامسة:
المراهق مزاجي، عنيد، وغير جاد!
بدلاً من أن نصدق أسوأ الأمور عن هذا الطفل، فلننظر إلى الإيجابيات لهذه السنوات. المراهق مهتم بالمعرفة، خيالي، ولديه الكثير من الأفكار الجديدة التي يتعلق بالعالم حوله. هذه المرحلة هي الفترة الهامة جداً للنمو الاجتماعي والعقلي. يمر خلالها المراهق بالكثير من التغيرات البدنية، ولكن تأثير هذه التغيرات يعتمد على حياته الاجتماعية، شخصيته وانفعالياته. المراهق في هذا السن يستطيع التفكير بأمور معقدة ومحاولة حلها. وبالإرشادات المنطقية، سيتمكن هذا المراهق فعلاً من إصدار قرارات واعية.
الاستراتيجية –
انظري إلى النواحي الإيجابية في تطورات طفلك مع محاولة التوجيه لتشكيله بشكل جيد. المراهق لديه الاهتمام لمعرفة العلاقات الشخصية بين الناس، لمعرفة تطورات جسمه. بعض الآباء ليسوا على استعداد لإعطاء هذه المعلومات لأطفالهم، ولهذا هناك الكثير من الطرق للوصول للمعلومات، ويجب أن تكون مراقبة من قبل الأهل حتى لا تعود بنتائج سيئة، ربما تكون المناهج الدراسية هي الأفضل لدعم هذه المعلومات والإجابة على الأسئلة، فالوسائل المتاحة حالياً لا تعتبر كلها آمنة. ودائماً من الأفضل أن يستمد المراهق معلوماته من كتب علمية خاصة بعمره، أو من والديه. كوني دائماً جاهزة للكلام والإجابة على الأسئلة، ممكن حتى أن يشارك في الأنشطة الجماعية لأطفال في عمره تساعده على تحصيل معلومات مفيدة بشكل آمن. وأكرر، يجب أن يكون للوالدين علاقة بأصدقاء أولادهم المراهقين، تجلسين معهم وتحادثيهم، تعرفين بماذا يفكرون وكيف وأين يذهبون عندما تسمحين لهم بالذهاب.
عندما تريدين التأثير بإبنك المراهق، يجب أن تكوني القدوة له، بمعنى، إن كنتِ تتوقعين أن يخبرك إبنك أين يذهب وماذا يفعل ومتى يعود، يجب أن تكوني قدوة وتعطيه نفس المعلومات عن نفسك، ليعرف أن كل شخص في المنزل يهمه الشخص الآخر وأن كل شخص محاسب. إن أردتِ طفلك أن يكون لبقاً في ألفاظه ولا يستخدم ألفاظاً سيئة، فيجب أن تمارسي نفس العادة، أنت القدوة التي يحتذى بها، فافعلي ما تريدين طفلك أن يفعل.
*•︽•*
الأسطورة السادسة:
لا يهم المراهق إلا نفسه!
حتى يكون طفلك مهتماً بغيره، أيضاً يجب أن تكوني قدوة وتشعريه بأنك مهتمة بأموره من خلال الحوار وإعطائه اهتماماً خلال الكلام.
ماذا يعني أن تكوني قدوة؟ القدوة أن تفعلي ما تطلبين فعله. فالمراهق مرآة تعكس تصرفاتنا علينا.
حوارك مع ابنك المراهق فرصة جيدة للإجابة على أسئلة "لماذا"، هذه الأسئلة ستقرب الطرفين، يسألك فتجيبين، تسأليه سيجيبك. كذلك الأسئلة المفتوحة وهي التي تحتاج إلى إجابة بأكثر من لا ونعم، أي (ما هو رأيك في كذا..؟) ، (لماذا تعتقد أن هذا التصرف خاطئ من قبل فلان؟)، (ما هو الحل في رأيك؟). هذه أسئلة جيدة وتدريبات مناسبة لفهم الطرف الآخر والتعود على الإصغاء.
من المهم أن تؤكدي لطفلك أنه مهم جداً ورأيه مهم. هذا يتم عن طريق إخباره بما تجديه إيجابياً لديه، وهذا سيدعم إيجابياته وسيحاول أن يكون عند حسن الظن دوماً.
الثقة مهمة، اثبتي أنك تثقين به وبعقله وهو دوماً سيحاول ألا يسيء استخدام هذه الثقة، ولكن كوني يقظة فلا تفوتك شاردة ولا واردة إلا وتكونين على علم بها.
الحب والثقة والتفاهم الموزع ما بين كل أطفالك سيجعل الحياة أيسر وينمي أطفالك بشكل صحيح.
*•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•*
ملخص الموضوع:
للحصول على ما تريدين من ابنك المراهق يجب أن :
- تخصصي وقتاً له، الدراسات تؤكد أن المراهقين يريدون قضاء وقت أطول وليس أقصر مع أهليهم.
- ترضي بهذه الفترة وتعرّفي المراهق بتوقعاتك وما تريدينه منهم، ولكن لا تلاحقي كل تطور وتجعلي منه مشكلة، بل خوضي فقط في الأمور الكبيرة، واتركي الصغيرة كتجارب له، مثلاً ستجدينه مهتماً بوجهه والبثور التي ظهرت، سيكون مهتماً بشكل شعره، ملابسه، لا تدققي في الأمر كثيراً تجعلي من المشاكل الصغيرة كبيرة.
- لا تظني أنه أصبح كبيراً ولا يحتاج للكثير من الرعاية، بل هو لا يزال ابن لأمه، تغير حجمه وكبر ذهنه، ولكن لا يزال يحتاج إلى حنان وحب الأم مهما كبر، ولا يزال معتمداً عليكِ، ولكن احتياجته اختلفت عن الطفل الصغير، كلاهما يحتاج إلى الرعاية ولكن بطريقة مختلفة.
- ابنك المراهق هو فرد ويجب احترامه، وهو أيضاً يقلد ما يراه حوله، خاصة والديه، وأكثر ما لا نحبه في أنفسنا سنجده معكوساً مرة أخرى علينا عن طريق أطفالنا. اعرفي هذه العيوب في نفسك ولا تهمليها وحاولي تغييرها وكلمي طفلك عنها من خلال مناقشاتكما.
تذكري، لا يمكنك أن تشكلي شخصية هذا الطفل كما تريدين، ولكن بإمكانك أن ترشديه للصواب وتكوني له ناصحة وتحبيه كيفما كان.
أرجو أن تجدن الفائدة في هذا الموضوع وألا يكون عبارة عن تحاليل فقط وإنما إرشادات واضحة وهادفة وخطوات معينة على تخطي هذه المرحلة التي ما هي إلا فترة يجب أن تحاول معها الأم أن تغير بعضاً من نفسها وتحاول تفهم الشخص الذي يقابلها ولا تعتبر كل ما يقوم به تحدياً، بل هي شخصيته التي يحاول أن يفهمها.
أتمنى ممن لديها أطفال في سن المراهقة أن يشاركننا في خبراتهن حتى نكون قد أخذنا الموضوع من شتى الجوانب، شرح علمي + تجارب شخصية + ومواقف عملية.
*•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•* *•︽•*